وزارة الدولة لشئون مجلس الأمة

MINISTRY OF STATE FOR THE NATIONAL ASSEMBLY AFFAIRS

نبذة عن الدراسة

تقرير نتائج انتخابات مجلس الأمة 2009

تاريخ النشر :2009/01/01

----المقدمة "إننا بحاجة إلى تفعيل إرادة التغيير ، إلى اعتماد نهج تغييري ملموس في مواجهة استحقاقات وتبعات وتراكمات ثقيلة أفرزتها التجارب السابقة". بهذه الكلمات من النطق السامي لخص صاحب السمو أمير البلاد في افتتاح الفصل التشريعي الثالث عشر ما عكسته نتائج انتخابات مجلس الأمة 2009 من رغبة في التغيير لدى الناخب الكويتي الذي حاول من خلال صناديق الاقتراع إحسان الاختيار لما فيه المصلحة العامة والبعد عن كل ما من شأنه عرقلة التنمية والاستقرار وإثارة الفتن والطائفية. فلم يعد للصراعات التي هيمنت على المشهد السياسي الكويتي وخلقت العديد من الأزمات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، مجالاًَ للقبول لدى الشارع الكويتي الذي واجهها برغبة صادقة في التغيير ترجمها إلى واقع ميز هذه الانتخابات عن سابقاتها كونها الانتخابات الأولى التي تشهد وصول المرأة إلى قمة البرلمان بوقت اعتبره المحللون قياسي، مما جعل الكويت أول دولة في العالم تصل فيه المرأة للبرلمان بعد فترة وجيزة من إقرار حقوقها السياسية، وما وافق ذلك أيضاً من تغييرات طالت وجوه عديدة وعززت حضور أخرى. ومن الجدير بالذكر أن التحليلات الآتية البيان لا تعكس أي وجهة نظر رسمية كما لا تعبر عن أي توجهات حكومية ، وإنما أتى سياقها كاستقراء لما سجلته الأقلام والمواقع الالكترونية التي اهتمت بمتابعة ورصد نتائج انتخابات مجلس الأمة لعام 2009، ومستمدا عرضها من إطار المناخ الإعلامي الحر الذي تتيحه الدولة وتحرص علية طبقا للدستور والقانون. تشكل الانتخابات العامة في الدول الديمقراطية نافذة سياسية وشعبية يُصنع من خلالها التغيير، فواقع النظم الديمقراطية والقراءة المتأنية لنتائج الاقتراع ومقارنتها بما سبق غالباً ما يكشف مدى التوجه السياسي داخل المجتمع ومن خلاله يمكن قياس معدل التغيير واتجاهه. ومع صدور المرسوم الأميري الذي حمل الرقم 85 لسنة 2009 بحل مجلس الامة في فصله التشريعي الــ 12 وفقاً لأحكام المادة 107 من الدستور، أصبح هذا هو الحل السادس في تاريخ الحياة البرلمانية في الكويت والتي بدأ فصلها التشريعي الأول في يناير عام 1963، والحل الثاني في عهد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وقد تم هذا الحل في فترة تعتبر أقل من عام على انتخاب مجلس 2008. وجاء بعد عدد من الأزمات بين المجلس والحكومة بعد تقديم أكثر من استجواب لرئيس مجلس الوزراء وانتهت باستقالة الحكومة وحل المجلس . جرت انتخابات مجلس الأمة 2009 يوم السبت 16 مايو 2009 حيث تنافس في هذه الانتخابات 210 مرشحاً ومرشحة على مقاعد البرلمان الخمسين على النحو التالي: 45- مرشحاً ومرشحة في الدائرة الأولى. 45- مرشحاً ومرشحة في الدائرة الثانية. 53- مرشحاً ومرشحة في الدائرة الثالثة. 35- مرشحاً ومرشحة في الدائرة الرابعة. 32- مرشحاً ومرشحة في الدائرة الخامسة وكانت النتائج بحسب الدوائرالخمس كالآتي: من خلال الجدول السابق يتضح ما يلي أبرز ما نتج عنها مقارنة بانتخابات 2008 كالآتي: وصول أربع سيدات إلى قبة البرلمان لأول مرة في تاريخ الكويت وفي مراكز متقدمة وبمعدلات أصوات كبيرة خلافاً لما حدث في انتخابات 2008 على الرغم من أن عدد المرشحات في 2008 كان 27 مرشحة وتقلص في 2009 إلى 16 مرشحة إلا أن هذه الانتخابات فاجأت الجميع فتصدرت د.معصومة المبارك عدد الأصوات في الدائرة الأولى واحتلت المركز الاول بينما نجد ان د. أسيل العوضي احتلت المركز الثاني في الدائرة الثالثة وحصلت د.رولا دشتي على المركز السابع بنفس الدائرة ود.سلوى الجسار على المركز العاشر في الدائرة الثانية. في الدائرة الاولى: نجح 7 نواب شيعة في هذه الدائرة وحافظ العوازم على مقعديهم رغم كثرة مرشحيهم واستمر عبدالله الرومي بتمثيل الحضر السنة بينما خسر الكنادرة مقعدهم بخروج محمد الكندري وفقد العوضية مقعد عبدالواحد العوضي، وحل يوسف الزلزلة مكان النائب السابق أحمد لاري ودخول فيصل الدويسان كوجه جديد . كما تصدرت معصومة المبارك هذه الدائرة بفارق 942 صوت عن حسين القلاف في المركز الثاني. كما أن تراجع أرقام الرومي والعوضي وتقدم القلاف يؤكد العزوف السني عن الحضور وتأثرهما بكثرة المرشحين السنة من العوازم والكنادرة ومشاركة عبدالله الطريجي لهم في الأصوات السنية. الدائرة الثانية: وأبرزما فيها نجاح مرشح من الطائفة الشيعية لأول مرة وسقوط أعضاء المنبر الديمقراطي الذين كانوا يحظون بشعبية كبيرة في هذه الدائرة وخسارة التجمع السلفي لأحد ممثليه السابقين بالبرلمان ونجاح إمرأة في المركز العاشرإلا أنه مقارنة بفوز المرأة بالدائرة الأولى والثالثة والتي حظت بالمراكز الأولى فإن فوز امرأة واحدة بهذا المركز وبدائرة تتسم بالانفتاح وبالديمقراطية لا يشكل نجاحاً باهراً. الدائرة الثالثة: وهي أكثر الدوائر تعقيداً والواضح استغلال التيار الليبرالي لحالة عدم الاتزان التي مر بها الإسلاميون وفقدان التنسيق حيث لم يصل إلا العمير والطبطبائي بمراكز متأخرة اضافة لفيصل المسلم وأكبر الرابحين من التيار الليبرالي كصالح الملا (نائب سابق)و رولا دشتي وأسيل العوضي كوجوه جديدة . كما انه من اللافت عودة أحمد السعدون إلى المراكز المتقدمة بعد تأخره إلى المركز الأخير في الانتخابات الماضية. ويلاحظ في هذه الدائرة خسارة التيار الإسلامي حدس جميع مقاعده ونجاح ساحق للمرأة لأول مرة في هذه الدائرة وتقلدها للمركز الثاني والمركز السابع. وتصف الدائرة في نظر المحللين السياسيين بالكويت الصغرى التي تجمع بين الحضر والقبائل والسنة والشيعة والتيارات الليبرالية والإسلامية والطبقة المخملية والمتوسطة والمحدودة وقد يكون ما مميز اختيار الناخبين في الدائرة الثالثة هو الاختيار على الأساس الفكري. -الدائرة الرابعة اسقط نجاح مسلم البراك وضيف الله بورميه اعتقاد حتمية التشاورية للنجاح في الانتخابات لمجلس الأمة وحصولهم على مراكز متقدمة في الدائرة الرابعة خصوصاً مسلم البراك الذي حقق أرقام قياسية 18769 صوت مما يجعله في صدارة جميع المرشحين من حيث عدد الأصوات التي حصل عليها برقم يعتبر سابقة في التاريخ البرلماني. الدائرة الخامسة: يعد وصول 3 في الدائرة الخامسة (عتيبي وهاجري ودوسري) اختراق كبير في دائرة قبلية كان التقسيم فيها 4-4-2 (عجمان ــ عوازم ــ قبائل أخرى) اما في انتخابات 2009 أصبح التقسيم 4 ـ 3ـ 3 (عوازم ـ عجمان ـ قبائل أخرى). كما يلاحظ وبشكل عام سقوط أسماء كبيرة في الانتخابات كأحمد المليفي ومن الحركة الدستورية عبدالعزيز الشايجي ومن التجمع السلفي محمد الكندري ومن الشيعة أحمد لاري والنواب السابقين عبدالواحد العوضي ومحمد العبدالجادر وعزوف بعض نواب 2008 عن الترشيح كالنائب السابق محمد جاسم الصقر وناصر الصانع ومرزوق الحبيني الذي خرج عن طريق تشاورات قبيلة العوازم. نسبة الاقتراع في انتخابات 2009 مقارنةً بانتخابات 2008: بلغت نسبة التغيير في انتخابات 2009 (42%) بدخول 21 نائباً جديداً بينما كانت نسبة التغيير في انتخابات 2008 (44%) بانضمام 22 وجهً جديداً معظمهم من المناطق القبلية وكانت نسبة التغيير في كل دائرة كالتالي: •الدائرة الانتخابية الأولى: بلغت نسبة التغيير في الدائرة الانتخابية الأولى 30% بعد خسارة النواب، أحمد لاري، محمد الكندري، عبدالواحد العوضي، مقاعدهم البرلمانية لمصلحة كل من د. معصومة المبارك، د.يوسف الزلزلة وفيصل الدويسان. •الدائرة الانتخابية الثانية: بلغت نسبة التغيير 30% بعد خسارة محمد العبد الجادر وعبداللطيف العميري مقعديهما وعزوف محمد الصقر عن خوض الانتخابات البرلمانية لمصلحة كل من د. سلوى الجسار، عدنان عبدالصمد وعبدالرحمن العنجري •الدائرة الانتخابية الثالثة: بلغت نسبة التغيير في الدائرة الثانية 30% بع دخسارة كل من عبدالعزيز الشايجي وأحمد الميفي مقاعدهم وعزوف ناصر الصانع عن خوص الانتخابات ونجاح كل من د.أسيل العوضي ود.رولا دشتي وناجي العبدالهادي. •الدائرة الانتخابية الرابعة: بلغت نسبة التغيير في الدائرة الانتخابية الرابعه 40% بعد خسارة د.حسن قويعان ومحمد الهطلاني الرشيدي في تشاوريات القبيلة وعزوف ناصر الدويلة ورجا حجيلان عن خوض الانتخابات ونجاح مبارك الوعلان وشعيب المويزري وحسين مزيد ومبارك الخرينج. •الدائرة الانتخابية الخامسة: شهدت أعلى نسبة تغيير على مستوى الدوائر الانتخابية حيث بلغت 80% بعد احتفاظ فقط محمد الحويلة وسعدون العتيبي بمقاعدهم وخسارة كل من فهد الميع ومرزوق الحبيني وعبدالله راعي الفحماء ومحمد العبيد وعبدالله البرغش لمقاعدهم البرلمانية عن طريق تشاورات القبيلة وإحجام كل من علي الهاجري وعصام الدبوس وجابر المحيلبي عن الانتخابات ونجاح كل من فلاح الصواغ، سالم النملان، سعد زنيفر، خالد الطاحوس، الصيفي مبارك، بادي الدوسري، دليهي الهاجري وغانم الميع بعضوية مجلس الامة. أسماء أعضاء مجلس الأمة للفصل التشريعي الثالث عشر: خلاصة الجدول: من خلال الجدول يمكن أن نستخلص بان المستقلون هم الصفة الغالبة على أعضاء المجلس حيث يمثلون 22 نائباً. التجمع الإسلامي السلفي له نائبين وهناك كتلة برلمانية جديدة تم إنشائها هي كتلة التنمية والإصلاح وتتمثل بـ 3 نواب د. وليد الطبطبائي (إسلامي مستقل) ود.فيصل المسلم (إسلامي مستقل) ود. جمعان الحربش (حدس) وهو ممثل الحركة الدستورية الإسلامية الوحيد والرسمي إذا لم ندرج د. فلاح مطلق الصواغ القريب من حدس أما كتله العمل الوطني لم تتضح ملامحها بعد ويمكن الاشارة الى تجمعات متمثلة بنائب واحد في البرلمان وهي: -التحالف الإسلامي المستقل. -تجمع الميثاق الوطني. -جماعة الرسالة الإنسانية. -تجمع العدالة والسلام. -المنبر الوطني الديمقراطي. -تجمع ثوابت الأمة. اما التحالف الوطني الديمقراطي فيمثله نائبين بالمجلس ويمكن القول ان الإسلاميين المستقلون يبلغون 6 نواب منهم النائبين منضمين إلى كتلة التنمية والإصلاح. أما من حيث الدرجات العلمية فهناك 12 نائباً يحملون درجة الدكتوراه 5 منهم من نواب الدائرة الثالثة. و 2 من حملة الماجستير والعدد الأكبر من النواب 22 نائباً حاصلين على البكالوريوس و6 نواب على شهادة الدبلوم و5 نواب على الشهادة الثانوية العامة ونائب واحد من حملة الشهادة المتوسطة. •ملامح ومؤشرات أفرزتها نتائج الانتخابات : حملت نتائج انتخابات مجلس الأمة 2009 والتي وصلت نسبة التغبير فيها الى 42% في طياتها العديد من المؤشرات التي تركت أثرها على المشهد السياسي في الكويت في جوانب عدة نتطرق اليها بشيء من التفصيل فيما يلي : (1)- وصول المرأة الكويتية الى البرلمان : بوصول 4 نساء الى مقاعد البرلمان تكون مسيرة نضال المرأة الكويتية قد تكللت بالنجاح بعد أن امتدت منذ منتصف السبعينيات ومرت بمنعطفات أبرزها رفض البرلمان إقرار حقوقها السياسية في أكثر من مرة أهمها عام 1999 حيث تم رفض إقرار المرسوم من قبل مجلس الأمة واستمرت المحاولات حتى تم تمريره في 16/5/2005 بعد تعاون حكومي نيابي ان حصول الإكاديميات الأربع على مقاعد بالبرلمان لا يمثل تحول سياسي فقط وإنما تغيراً في مفاهيم المجتمع الكويتي الذي أوصل المرأة للبرلمان عن طريق الاقتراع السري المباشر بعد مرور 4 سنوات فقط من حصولها على الحق السياسي وهو عمر قصير مقارنة بتجارب الدول الأخرى، حيث يشكلن نسبة 8% من إجمالي الخمسين نائباً ، بينما يبلغ متوسط تمثيل العضوات في البرلمانات العربي %9.1وفقا لاحصائية الاتحاد البرلماني الدولي وهي منظمة تتألف من البرلمانات العالمية.، كما تطبق آلية الكوتا في بعض دول المغرب العربي، أما المرأة الكويتية فقد وصلت عن طريق الانتخاب. وقد كان يتوقع المراقبون وصول امرأتين الى قبة البرلمان هما معصومة المبارك وأسيل العوضي، والبعض الآخر كان يتوقع رولا دشتي، إلا أن فوز د.سلوى الجسار أيضاً مثل مفاجأة للمراقبين. أما ذكرى الرشيدي فيمكن اعتبارها هي الفائزة الخامسة بحصولها على 6635 صوت في دائرة محافظة جداً وشبه مغلقة انتخابياً وقبلياً، وهذا وحده إنجاز. فحصولها على عدد كبير من أصوات الناخبين دليل على أن هناك تغيرات اجتماعية ذات مغزى سياسي إيجابي بالرغم من مخرجات الانتخابات الفرعية القبلية التي أجرتها معظم القبائل في تلك الدائرة بما فيها القبيلة التي تنتمي اليها المحامية الرشيدي مما يعني أنها حصدت اصواتاً كثيرة من فئات اجتماعية متعددة تتعدى القبيلة والطائفة والفئة والمنطقـة . هذا التحول في المناخ السياسي العام كان نتيجة لكثرة الأزمات والانتكاسات وساهم في تقبل المشاركة السياسية للمرأة، كما أن حصولها على مراكز متقدمة جداً في اثنتين من الدوائر دليل على فوزها بأصوات الرجال أيضاً ورغبة الشعب في تقليل التأزيم واختياره للوحدة الوطنية والوعي السياسي للناخب في اختيار الكفاءات لا سيما أن الفائزات بعضوية البرلمان مؤهلات علمياً وأدبياً . (2)-تراجع نتائج التنظيمات السياسية: في ظل عدم وجود أحزاب في الكويت فإن العمل السياسي في الساحة الكويتية يتجه الى العمل على هيئة تكتلات وتيارات تدفع غالباً بمرشحها لخوض الانتخابات البرلمانية، فالإسلاميون السنة منقسمون الى الحركة الإسلامية الدستورية (حدس)، والتيار السلفي المنقسم بدوره بين التجمع السلفي والحركة السلفية العلمية، ويتفرع الشيعة بين التحالف الإسلامي الوطني وتجمع الميثاق الوطني وتجمع العدالة والسلام ، هذا إضافة الى القوى الليبرالية مثل المنبر الديمقراطي، والتحالف الوطني إضافة الى كتلة العمل الشعبي و مرشحي القبائل . وقد جاءت نتائج انتخابات 2009 بنتيجة سلبية الى حد ما في حظوظ كثير من هذه التنظيمات في قدرتها على تحقيق نتائج جيدة كانت تحققها في السنوات الماضية وأضفـت نوع من التراجع لحسـاب المستقلين وتفاوتـت نتائجها على النحو التالي : التيار الإسـلامي : بالرغم من أن أهم أسباب نجاح حركات الإسلام السياسي في الانتخابات كان قرب خطابها من مشاعر وعواطف الشعب المحافظ المتدين إلا أنه كان أيضاً من أهم أسباب تراجع التصويت لهذه الحركات، فقد استخدمت هذه التيارات الخطاب الديني الوعظي بطريقة عاطفية جذبت لها أصوات الناخبين إلا أن أداءها البرلماني لم يكن بقدر طموحات الناخب حيث لم يكن لدى تلك الحركات مشاريع تنفيذية ولا برامج عمل، بل واصلت حضورها الخطابي من خلال العاطفة الدينية المتشددة والعلاقة المتوترة مع الآخرين المخالفين وتأزيم العلاقة مع الحكومة فابتعدت عن هموم المواطنين الحقيقية ومشاريع التنمية للبلاد، وافتقرت أعمالهم السياسية الى التركيز على القضايا الكبرى وتركزت على قضايا أقل أهمية بالنسبة للمواطن، مما قد يكون بمثابة رسالة واضحة وجهها الناخب الكويتي للتيارات الإسلامية في عدم جواز الاستهتار بالثقة التي منحها لهم والإنشغال بالصراعات الجانبية وقد تمثلت هذه الرسالة في الخسارة الكبيرة التي أدت الى خسارة الكثير من مقاعدهم في هذه الانتخابات خاصة في مناطق الحضر، حيث جاءوا دون برنامج عمل أو خطة وانقسموا فيما بينهم تقريباً على معظم القضايا وشارك بعضهم في التأزيم ولم يشكلوا لجنة مشتركة للتنسيق فيما بينهم، كل ذلك أدى الى عزوف كثير من الأصوات عنها، ولكنه في نفس الوقت ليس دلالة على يأس الشعب الكويتي من التيار الديني وأهدافـه . أ-الحركة الدستوريـة : الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) والتي اتسمت بأنها أكثر التيارات تنظيماً كانت أكثر التيارات الإسلامية خسارة في هذه الانتخابات حيث تراجع تمثيلها من 6 نواب في مجلس 2006 الى 3 نواب في مجلس 2008 الى نائب واحد فقط هو جمعان الحربش في مجلس 2009 والذي قد يكون انتمائه القبلي ساهم في نجاحه الى حد كبير، كذلك النائب فلاح الصواغ القريب من الحركة الدستورية والذي ساهم انتمائه القبلي في نجاحه حيث كان نتاج فرعية العـوازم . ب-الســلف : حققوا نتائج متقدمة في مجلس 2008 لم يستطيعوا المحافظة عليها في انتخابات 2009 حيث تراجع التيار السلفي تراجع كبير بكافة حركاته والمستقلين عنه وأبناء القبائل وأخفق أغلب مرشحيهم في تحقيق مراكز متقدمة وجاء أبرزهم وهو خالد السلطان بموقع متأخر بالدائرة الثانية بعد أن تعرض لهجوم إعلامي عنيف فيما يخص امتلاكه أسهماً في شركة تجارية في لبنان تبيع الخمور ولحم الخنازير، بينما جاء العمير بالمركز العاشر في الدائرة الثالثة، كذلك وليد الطبطبائي في المركز التاسع مما يؤكد تراجع كبير في ممثلي التيار السلفي بلغ عدد النواب الشيعة تسعة بينهم امرأتان في مجلس 2009 بينما كان عددهم 5 نواب في مجلس 2008 وينتمي هؤلاء النواب لتجمعات سياسية دينية ومستقلين وليبراليين . إلا أنه لوحظ أن عدد النواب الشيعة الذين رشحوا أنفسهم كمستقلين ووطنيين يفوق عدد النواب الشيعة المنتمين الى تيارات دينية سياسية وهو ما يعني تراجع النواب المنظمين من الشيعة وتقدم النواب المستقلين أو الليبراليين الذين يحملون شعارات وطنية تنموية، فتراجع النائب عدنان عبدالصمد (زعيم قائمة الائتلاف) في المركز الأخير، حيث كاد أن يخفق وخروج أحمد لاري الذي كان السبب في خروجه بالدرجة الأولى تواضع أداءه وربما ارتباطه بقائمة لم تسعف عبدالصمد في تحقيق مركز متقدم أيضـا كذلك حصول معصومة المبارك على المركز الأول لهو دليل على أن من أوصل الكويتيين الشيعة هي أصوات كويتية من الطائفتين (السنة والشيعة) والتي لم تنظر الى مذهب المرشح بقدر النظر الى مواقفه وإطروحاتـه . كما لا يمكن إغفال أن معظمهم قد وصل بسبب التحالفات الداخلية والتنسيق الكبير بينهم وتنوع الواجهات وبسبب عزوف السنة الكبيرعن التصويت ، وفقدان التنسيق والصراع الذي بلغ أوجه بين أبناء الكنادرة( محمد الكندري-عبدالله الكندري-جاسم الكندري) في الدائرة الأولى مثلاً، حيث تنافس ثلاثة مرشحين إسلاميين أقويـاء فسقطوا جميعـاً . د-التيـار الليبرالـي : كان الأوفر حظاً من التيارات الأخرى في تعزيز حضوره في مجلس 2009 بثمانية مقاعد وكان من الملاحظ أن عناصر هذا التيار خاضت الانتخابات باسمها وليس باسم التيار الذي تنتمي اليه أسيل العوضي ورولا دشتي إضافة الى صالح الملا، وقد يكون ذلك تماشياً مع مزاج الشارع في عدم تقبل التنظيمات السياسية بشكل عام إلا أنه لا يمكننا إغفال سقوط اسماء بارزة لها ثقل في الوسط السياسي الكويتي ويأتي على رأس هؤلاء النائب السابق عبدالله النيباري أمين عام المنبر الديمقراطي، والنائب السابق أحمد المليفي الذي أثار قضية مصروفات مكتب رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد وقضية المستحقين للجنسية الكويتية، وهما قضيتان حركتا الشارع السياسي الى حد أنهما تسببتا في إثارة سياسية في البلاد، إلا أن إخفاقه في الانتخابات سببه هو تراجعه في مسألة استجواب رئيس الوزراء مما أعطى انطباعاً بالتردد لديه أو قبوله بصفقة ما حول نزع الجنسيات من بعض من منحوا إياها بمراسيم سابقة، وسقوط أيضاً النائب السابق محمد العبدالجادر العضو في المنبر الديمقراطي ويعتقد أن السبب في ذلك أنه لم يمنح الفرصة الكافية لإثبات جدارته لقصر عمل المجلس الماضي وربما كان لنزول عبدالله النيباري الانتخابات في نفس الدائرة أثر كبير على إخفاقهما معاً أو ربما إعلانهما النزول باسم تيار منظم وهو الأمر الذي تداركه غيرهم من الليبراليين . ه-التكتل الشـعبي : حافظ على تماسكه في ظل تراجع التيارات بعودة قائد التكتل أحمد السعدون الى المراكز المتقدمة بعد تراجعه الى المراكز الأخيرة في انتخابات 2008، كذلك عودة مسلم البراك رغم كونه ممن أطلق عليهم (نواب التأزيم) والذي عاد الكثير منهم في تشكيلة مجلس 2009 . و-القبائـل : تذهب كثير من الآراء الى اعتبار القبيلة لاعب رئيسي في الحياة السياسية الكويتية خصوصاً بعد أن كانت القبائل الكويتية في الستينات والسبعينات تقدم نواب يتفقون مع توجهات الحكومة الى حد ما، بينما كانت المعارضة ممثلة في نواب الحضر والتيارات السياسية التقدمية والليبرالية وتحولت منذ الثمانينات الى إفراز نواب ذو توجه معارض للحكومة وأصبحت تحقق أرقام متقدمة في الانتخابات البرلمانية وهو الأمر الذي استمر في انتخابات 2009 واحتفاظها بمقاعدها حيث فاز مرشحو القبائل بـ25 مقعداً من أصل 50 مقعد في البرلمان. ورغم التنظيم الشديد للقبائل في حصر مرشحيها في هذه الانتخابات من خلال الفرعيات والتحالفات التي اتخذت ولأول مرة مسميات في حملتها الانتخابية كالمتحدون والمتوكلون والمتفائلون، فإنه لم يخلو الأمر من بعض الاختراقات في الدائرتين الرابعة والخامسة حيث خسر ماجد موسى في الانتخابات بالرغم من فوزه في فرعية المطران، كذلك خروج خالد العدوة يدل على عدم قدرة قبيلة العجمان على إيصال أربع مرشحين عن طريق الفرعيـة . (3)- دور غير مسبوق للإعـلام : نظرا لما تتمتع به الكويت من حرية اعلامية مكنتها في المحافظة على الصدارة بالمركز الاول عربيا في الحرية الصحافية بحسب تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" نجد أن انتخابات 2009 اتسمت بهيمنة ملحوظة لللإعلام، حيث تعددت القنوات الفضائية الخاصة التي تغطي الانتخابات اضافة الى وجود 15 صحيفة يومية تقريباً والعديد من المواقع الإلكترونية والمدونات مما أعطى للإعلام دور غير مسبوق في الانتخابات البرلمانية، حيث كان سلاح ذو حدين استفاد منه المرشحين في التواصل مع الناخبين خصوصاً مع اتساع الرقعة الجغرافية للدوائر بعد اعتماد نظام الدوائر الخمس، إلا أنه ومن جانب آخر كان للإعلام دور سلبي الى حد كبير في تبني بعض الحملات الإعلامية التي شنت على المؤسسة التشريعية، والدعوة في كثير من الأحيان الى تعليق الحياة الدستورية وشن هجوم إعلامي على التيارات والتنظيمات السياسية وتحميلها مسؤولية الأزمات التي تعاني منها البلاد نتيجة لبحث تلك التيارات عن مصالحها دون النظر للمصلحة العامة وهو الأمر الذي كان له الأثر السلبي على قناعات الناخبين وبالتالي على حظوظ تلك التيارات وتراجعها ــ كما أسلفنا ــ في تحقيق نتائج متقدمة في الانتخابات ،يضـاف الى ذلــك تضخيم الإعلام لحالة الإحباط العام وشحن الأجواء الانتخابية بعبارات سلبية توحي وتدعو لعزوف الناخبين عن المشاركة. من جانب آخر كان لكثير من المواقع الإلكترونية والمدونات دور إيجابي في حق الناخبين ــ لاسيما الشباب منهم ــ على التغيير والتركيز على أهمية هذا التغيير كواجب وطني وتفعيل دعوة صاحب السمو أمير البلاد في حسن الاختيار كما جاء في خطاب سموه . (4)-عـودة نواب ساهموا في استجوابات عرقلة تعاون السلطتين: أن حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تعيشه الكويت أدت الى تأخير البت في العديد من الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة منذ فترة طويلة فضلاً عن المشروعات الرئيسية بسبب أخذ بعض النواب وقتاً طويلاً من العام الماضي في عرقلة الصفقات أو توجيه أسئلة للوزراء الذين يفضلون الاستقالة على مواجهة الاستجواب العلني . وقد أطلقت وسائل الإعلام على هؤلاء نواب التأزيم لأنهم كانوا سبباً في رفع استجوابات ساخنة في وجه الحكومة ومطالبين أيضاً بمحاسبة رئيس الوزراء واستجوابه، مما أدى الى وصول التعاون بين السلطتين الى طريق مسدود حل بسببه البرلمان للمرة السادسة. وأبرز هؤلاء النواب العائدين النائب (مسلم البراك) صاحب أشهر الاستجوابات للحكومة عن الفساد في صفقات السلاح والذي تسببت استجواباته في حل أكثر من برلمان واحد، وقد عاد الى المجلس فائزاً على رأس قائمة الدائرة الرابعة بعدد أصوات 18779 صوتاً، وكذلك النواب المسلم والطبطبائي وبورمية ومحمد هايف . وبسبب عدم التعاون وعدم الوضوح والشفافية في مناقشة المشاريع الضخة وتجاوز الأدوات الدستورية التي تسبق الاستجواب كالأسئلة ولجان التحقيق والقفز مباشرة الى استجواب الوزير المعني أدى الى عرقلة عدد من المشاريع التي كان من الممكن تعديلها وتحديثها وتصحيحها بحيث تفيد الاقتصاد الكويتي، كعقد شراكة ضخمة بقيمة سبعة مليارات ونصف المليار دولار مع شركة كيميكال الأمريكية تم إلغاؤه بعد أن شكك بعض النواب في جدواه. وكذلك تم التخلي عن مشروع إنشاء مصفاة جديدة للبترول بقيمة خمسة عشر المليار دولار وتجميد خطة إنعاش اقتصادي مدعومة من الحكومة لمساعد شركات الاستثمار والبنوك المحلية المتعثرة لمدة ستة أسابيع بسبب معارضة برلمانية . أما عودة النائب الذي طالب بحل مجلس الأمة حلاً غير دستوري وهو النائب حسين القلاف وكذلك نجاح النائبان اللذان اعتقلتهما السلطات لأسباب مرتبطة بأمن الدولة أثناء الحملات الانتخابية وهما خالد الطاحوس وضيف الله بورمية، يدل على أن بعض الناخبين يفضل النواب الذي يجادلون الحكومة بصوت عال واعتقالهما عزز من فرص نجاحهما في الفـوز . --------------------------------------الخاتـمة---------------------------- لما كانت نتائج الانتخابات تمثل إلى حد كبير رغبة في التغيير أكد عليها صاحب السمو في خطابه فإن طبيعة الأمور تحتم التغيير في نهج العمل البرلماني الحكومي لإنجاز العديد من القوانين والمشاريع العالقة في مجالات الاقتصاد والتنمية والتعليم والإسكان والصحة. فالعديد من الأولويات تقف على قائمة الانتظار لانجازها وتفعيل كل سبل التعاون بين السلطتين للبدء في تحويلها إلى دافع ملموس للدفع بعجلة البناء والتنمية وفق ملفات أربع شدد عليها صاحب السمو أمير البلاد في النطق السامي خلال افتتاح الفصل التشريعي الثالث عشر لمجلس الأمة تمثلت في ملف صيانة الوحدة الوطنية وحمايتها من مظاهر الفرقة، وملف تطوير العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ومعالجة العثرات التي تعرقل مسيرة عملها وملف التطبيق الفعلي والجاد للقوانين وتعزيز مبدأ سيادة القانون، وملف تصحيح مسار العمل الإعلامي بمختلف مؤسساته لخدمة القضايا الوطنية. معتبراً إياها مقومات للمشروع الإصلاحي التنموي المنشود --------------------------- المصادر -------------- -وزارة الداخلية (احصائيات وارقام) -وزارة الاعلام (احصائيات وارقام) -مجلس الامة (احصائيات وارقام) -وكالة الأنباء الكويتية (احصائيات وارقام) www.Vote for Kuwait.com Kuwait politics database مركز الخليج للأبحاث www.gulfinthemedia.com - جريدة القبس -جريدة الوطن -جريدة أوان -جريدة الرؤية

ورصد نتائج انتخابات مجلس الأمة لعام 2009، ومستمدا عرضها من إطار المناخ الإعلامي الحر الذي تتيحه الدولة وتحرص علية طبقا للدستور والقانون. بشكل تفصيلي وقانوني